قبل ختام السنة…هل كان فيلم “The Substance” كابوس سينمائي في ماراتون أفلام 2024 ؟!

قبل ختام السنة…هل كان فيلم “The Substance” كابوس سينمائي في ماراتون أفلام 2024 ؟!
كتب إيلي طايع في لبنان والعالم
البعض وصفه بالفيلم “المثير للإشمئزاز” و”المختل عقلياً” وشريحة أخرى من الجمهور وإن كانت قليلة أشادت به وأُبهرت بجرأته التي لم تكن “جديدة” بل “مستحدثة” و”غير إعتيادية”.
بلغ الفيلم هدفه بهذا الإنقسام المتخبط إذ تراءى إصراره منذُ لحظة الإستهلال حتى الإظلام ضرورة إنشقاق الآراء حوله وإلا لم يكن قد وصل إلى المُبتغى المُراد إحرازه من تجربةٍ سينمائية كانت قاسية على العين أولاً قبل أن تكون عسيرة على النفس البشرية وتُغرقها في مطباتٍ بصرية هي بغنى عنها ومن الصعب إعادة مشاهدتها مرة أخرى!
الفيلم “غير المريح” وهذا أنسب نعت ممكن إدراجه ضمنه، ليس مثير للجدل فقط بل “مثير” على كافة التصنيفات : “شعورياً وعقلياً وحياتياً”، تصنيفات نفسية تسلّلت بشراسة عند الغوصِ بقصة الفيلم الذي يدور حول مُنتج سحري غامض يساعد البشر على تغيير ملامحهم والظهور بمظهر شبابي أصغر من عمرهم الحقيقي إلا أن الأمر يتسبب في العديد من الكوارث والمخاطر المخبولة المضطربة التي قُدمت بإطارٍ درامي مرعب أفزعت عين المشاهد وأرهقته لدرجة أن البعض لم يعد قادراً على تكملة المتابعة، وفضّلَ إستعادة راحته على الولوج بمراقبة واقع مُرّ برز على الشاشة الفضية بأسلوبٍ فجّ دون رحمة أو زخرفة سينمائية ربما كانت مطلوبة، لكنه باتَ منتشراً في حياتنا اليومية بإفراطٍ إجرامي شديد : تشويه الشكل وهوس المجتمع الحالي بعمليات التجميل إلى درجة العبادة ورعب النساء من فكرة التقدم بالعمر!.
“هل حلمْتَ يوماً بنسخة أفضل من نفسك؟” بهذه العبارة تُفتتح باكورة الفيلم من خلال الإستغناء عن إعلامية معروفة في القناة التي تعمل بها، وصلت إلى سن الخمسين وحان الوقت لإستبدالها بشابة أصغر سناً وأكثر جمالاً! مما يدفعها لتجربة هذا الدواء الغريب عبر إستخراج نسخة منها أجود شباباً ورونقاً، إلى أن تنقلب حياتها لجحيم لا شئ يُردعه عن التكاثر والإستمرار دون توقف!.
يُحسب للفيلم إبتكاره إلى حد كبير في المعالجة السينمائية بمنهجٍ مختلف وعصري يتطابق طبق الأصل مع ما يحدث اليوم للإنسان الذي يبيع نفسه متخلياً عنها أملاً في الحصول على وجهٍ آخر في سبيل التحسين والتحلية غير أن في المنظور الصحيح هو إتلاف وتقبيح.
لا يمكن إنكار مدى قوة التأثير الحسي للفيلم في الإتجاه الصائب المُربك : عُريانَ الظاهرة المرضية التي اجتاحت المجتمعات…وصُورت هنا بسياقٍ فلسفي خيالي أكثر قرباً ومجاورةً من قُرب الحقيقة بحد ذاتها إلى نفسها!
أن تُعجب به خياراً متاحاً لك…إذ إنه لا ينتمي إلى كل الأذواق. لكن أن تخرج من الفيلم فارغ الذات والعقل والشعور كأنك لم تشاهد شيئاً فهذا إحتمال أشبه بالمستحيل!
مشاهد التقزز طغت على الصورة السينمائية أغلب الوقت…لا أعلم إن كانت عنصراً إيجابياً أو سلبياً لا سيما أن السلبية تميل أكثر إلى الوصف الشعوري المُلائم بالتزامن مع ما رأيناه أمام أعيننا لمدة ساعتين. وذلك لأنها سببت النفور في الكثير من الأحيان خاصةً في الربع الأخير من الفيلم حينما كشرت الفوضى القذرة عن أنيابها!
ديمي مور بطلة الملحمة الجنونية من الواجب على الأقل ترشيحها لجائزة الأوسكار كأفضل ممثلة لما قدمته من إبهارٍ تمثيلي لا يُنسى ولا يُستهان به أبداً بدورٍ وهو قيد الورق فقط وتنجلي صعوبته! فكيف يُمسي على أرضِ التصوير والتنفيذ ؟!
الفيلم الذي فاز بجائزة أفضل سيناريو في مهرجان كان السينمائي في دورته الأخيرة، امتلك بحوزته رسالة بسيطة مفادها تقبل مظهرنا كما هو وعدم المساس به…رسالة أبسط بأشواط من تعقيدات الفيلم وهرجه ومرجه!
على كل حال يبقى فيلماً مميزاً لا يُشبه السائد…إما أن تحبه أو تكرهه…لا توجد منطقة وسطى ما بين الحب والكره! تماماً كما بين الجنةِ والنار.