لهذه الأسباب.. لم يقحم الحزب نفسه بالحرب!

لهذه الأسباب.. لم يقحم الحزب نفسه بالحرب!
“لو كان الحزب يريد دخول حرب غزة ، لدخلها من اليوم الأول أو الشهر الأول” ، هذا ما يستنتجه خبير في منطقة الشرق الأوسط ، أما لماذا؟ فيعدد الخبير الأسباب على الشكل التالي :
السبب الاول ، يقول الخبير إن الحزب بات اكثر واقعية عما كان عليه في السابق ، لقد راكم الحزب تجارب تجعله ” يعد للمليون ” قبل ان يدخل في اي مغامرة ، وحرب تموز ٢٠٠٦ ماثلة أمامه حيث ادت تلك الحرب الى قرار مجلس الامن الدولي الرقم ١٧٠١، وهو قرار ليس فيه انتصار ، بل تثبيت للأمر الواقع ، وهذا التثبيت ليس انتصارًا على الإطلاق .
السبب الثاني أن ظروف البلد اليوم لا توفِّر إجماعًا لبنانيًا على دور الحزب ، فبعد ” ٧ ايار ” انكسرت صورة الحزب لدى مكوِّن اساسي من مكونات المجتمع اللبناني ، وأي دخول في اي حرب جديدة ستجعل ” ظَهرَ الحزب مكشوفًا ” في الداخل ، وهذا ما لا يريده الحزب .
السبب الثالث أن ظروف لبنان بعد ثورة ١٧ تشرين ٢٠١٩ وانفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب ٢٠٢٠ ، وانهيار الليرة اللبنانية ، تجعل صعبًا على الحزب أخذ اللبنانيين الى مغامرة جديدة غير مضمونة النتائج ، خصوصًا ان الأحداث الآنفة الذِكر يحمِّل اللبنانيون جزءًا من المسؤولية عنها للحزب :
يتهم اللبنانيون الحزب بأنه ساهم في قمع ثورة ١٧ تشرين ، كما يتهمونه بأنه تساهل في موضوع انفجار المرفأ وبأنه عرقل التحقيق الى درجة انه تولى ايصال تهديد الى المحقق العدلي في قضية تفجير المرفأ القاضي طارق البيطار.
ويعتبر بعض اللبنانيين ان الحزب ساهم بشكلٍ او بآخر في انهيار الاقتصاد اللبناني من خلال إباحة وإتاحة التهريب المنظّم سواء من مرفأ بيروت او من مطار بيروت .
السبب الرابع ، ان دخول الحرب على دولار ٩٠ الف ليرة ، غير دخول الحرب على دولار ١٥٠٠ ليرة ، ودخول الحرب في ظل قطاع مصرفي سليم غير دخول الحرب في ظل انهيار القطاع المصرفي وفي ظل تبخّر أموال اللبنانيين الذين صار اسمهم “مودِعين” ، كيف يدخل بلدٌ في حرب ، خزينته فارغة ، ومواطنوه مفلِسون وكل قطاعاته ، ولاسيما الصحية منها ، في حال انهيار ؟
السبب الخامس ، وهو من ابرز الاسباب ، إن بيئة الحزب لا تريد الانغماس في الحرب ، وهذا ما رصده الحزب سواء من خلال استطلاعات مباشرة او من خلال رصد المزاج العام داخل هذه البيئة .
السبب السادس ان مشهد قطاع غزة ماثل أمامه ، فالدمار الذي لحق بالقطاع غير مسبوق ، وقد حوّله الى منطقة يستحيل العيش فيها من دون إعادة إعمار الذي يبدو انه سيستغرق سنوات ، وفي هذه الأثناء ماذا يفعل المليونان من ابناء القطاع؟ لبنان في حرب ال ٢٠٠٦ ، تلقى نصيبًا كبيرًا من الدمار سواء في ابنيته ، كما حصل في الضاحية الجنوبية خصوصًا ، وفي بنيته التحتية ، كما حصل في جسور بيروت وجبل لبنان والبقاع ولاسيما جسر المديرج وجسر المطار وغيرهم ، لكن وقتها جاءت مساعدات سخيّة من الدول العربية ولاسيما الخليجية منها ، وتمت عملية اعادة الاعمار . اليوم اذا ما دخل لبنان في الحرب ، وتعرّض للدمار الذي يبدو انه سيفوق دمار ٢٠٠٦ ، فلن يجد لبنان دولةً تساعده على إعادة البناء ، وهذا السبب كافٍ وحده للتفكير الف مرة قبل الدخول في الحرب .
هذه الاسباب مجتمعةً ، تجعل الحزب أكثر عقلانية وأقل مغامرة ، ولهذه الأسباب احتفظ بقواعد الاشتباك وباحترامها ، وبالقاعدة الثانية ” مدني في مقابل مدني “.
لكل هذه الاسباب مجتمعةً ، بالإضافة الى اسباب خارجية اقليمية لها تأثيرها ، يبدو خيار الانخراط في الحرب مستبعدًا ، لمصلحة البقاء تحت السقف المرسوم منذ الثامن من تشرين الاول الفائت ، اي اليوم الثاني من الحرب ، وفي بيان الحزب ذلك اليوم تحديد للسقف الذي لم يتجاوزه الحزب.
جان الفغالي