كارول “المدهشة”…دهشةُ “القدوة”…قدوةٌ في الفن والحياة!

كارول “المدهشة”…دهشةُ “القدوة”…قدوةٌ في الفن والحياة!
كتب إيلي طايع في موقع “لبنان والعالم”
مدهشة كارول و”المستحيل” لا يعرف لها طريقاً!
مدهشة و”الفن” اليوم لا يعترف بغيرها ملكته!
نبضٌ دافئ بشرارة وحي بعظمة في قلب المسرح، متسارعاً بدقاته لحظةَ خبطة قدميها على خشبته معلناً قدوم من كانت وستظل دوماً “سلطانةً” على عرشه! وكيف لا ؟! وهي إبنته الوفية المترعرعة على حبه وشغفها به…علمها إحترامه وعلمته أصالة فنها الحقيقي الذي لا يُؤدى بل يُعاش!
في “ياسمينة” تُضحكك وهي تخبئ دمعتها خلف ستار الحزن المقابل لنافذة الجبروت وشرفة الإيمان…!
كل دقيقة ظهورٍ لها على المسرح كانت حياةً تُروى وعزاءً بصوتٍ مطواع لا يصعب عليه شيئ، يربت على روحها المنهكة ويزهر في روحنا الظامئة لإبداعها “ربيعَ” فنانةً لم تقوَ عليها عواصف الشتاء وأمواجه الصادمة فإن سفينتها صلبة وإن كُسرت ستبقى قادرة “بشموخ” على الوصول إلى الشط…والإيفاء بوعود الفن وإلتزاماته وضريبته التي تصنع من “الوجع” عبقرية ومن “اليأس” زهرةَ أملٍ متفتحة وسط أشواك الحياة…أشواكٌ تُركن على جنب أمام حضرة سيدة الصمود و”ملهمة” الوقوف بعد السقوط!
بحضورها، صوتها، رقصها، تمثيلها، خفة ظلها، يشع ضوءٌ نادر كان المسرح بحاجته كحاجة القلب لنبضه!
كانت تقف هناك على الخشبة، إمرأة جبارة، “فنانة” وما أدراكم ما هو الفن إذا لم يكن نابعاً منها ومتصلاً بها…أميرةٌ هاربة من حزنها، خلعت عن قلبها مؤقتاً رداء السواد ونحتته برداءٍ أبيض من طين الفن وشيم الكبار وهي منهم والأولى في صفوفهم في زمنٍ يُجمّل بجمال وجودها فيه!
تتمايل من جذورِ أجنحتها المتينة كالفراشة على المسرح لتفيض علينا بعسلها الساحر، عسلٌ نقي، صادق حد الإنحناء له ولصاحبته ونضارتها وإشراقها وتفاصيلها الحيوية الأكثر حياةً وهي في أوج إختناقها وألمها…تخلق من الرماد “جمالاً” يأتي كبطل مخلص أروع مما رسمه خيالنا قبل مشاهدتنا لها على المسرح…معها تتساقط قطرات الوقت، تفصلك عن ذاتك وتحررك لبضع ساعات من شوائب الحياة اليومية، معها تتلاشى مفاهيم الزمن تاركةً بعد العرض صدى صوتها وخطواتها وبراعتها على المسرح كأثرٍ وجداني لا يُمحى في سكون كل من شاهدها وشَهِدَ على تمردها الفني الإنساني في بحرٍ داكنٍ داخلها، حولته كارول “قبطانة فنها” إلى رسالة شجاعة وقوة، بلغت ذروتها طوال المسرحية في البداية والنهاية وما بينهما أثناء كل مشهد لها حينما كانت تصفق لها الوجوه قبل الأيادي بدمعةِ إمتنان وضحكة إبهار!
في كل مرةٍ نقول “اعتدنا أن تدهشنا” لكنها كل مرة تثبت لنا أن “الدهشة” عندها ينبوعٌ مياهه لا تنضب، لا تتوقف عن الهدر، لا تُعتاد، لا تتكرر بل تتسرب دوماً بحلة مميزة وألوان خلابة…دواءً للبصر والنفس والسمع!
ينبوعٌ مياهه لا تنقطع، العطش لا يدخل بابه حتى لو غدا صحراءً قاحلة!
مياهٌ وإن جفت تُخلق من جديد وفي كل خلقٍ فني جديد…حياة جديدة!
“مش مسموح” تسلحها بكل هذا الإبداع
“مش مسموح” تحليها بكل هذه القوة
“مس مسموح” أن تكون فنانة بهذا المستوى الباهر
“مش مسموح” أن تزيد جرعة الدهشة “أضعافاً” مرةً تلو الأخرى…الدهشة اليوم مختلفة مصدرها “ألم” أضحى “بلسم شفاء”!
لكن لحظة…بل نعم “مسموح” لأنها كارول!
“مش مسموح” تحول إلى “كلو مسموح” على يد صانعة الدهشة “كارول سماحة”!
إقرأ أيضاً
اليوم العالمي لحرية الصحافة: باسم الحقيقة نكتب، وبها نقاوم… وسـ ـلاحنا الكلمة