اقتصادعالمي

الدولار بين منزلتين

الدولار بين منزلتين..

لا يزال الدولار في حالة تأرجح بين منحى التراجع الذي بدأه منذ أشهر عدة والاحتمالات الضئيلة بأن يتحسن أداؤه في المدى القريب في ظل حالة الضبابية وعدم اليقين التي تطبع الوضع الاقتصادي والسياسي في أميركا منذ تسلّم الرئيس دونالد ترامب مقاليد السلطة بولايته الثانية.

وتراجعت جاذبية الدولار كملاذ آمن بشكل كبير بعد انتعاشه قصيرة عقب إعادة انتخاب الرئيس ترامب، حيث اعتبرته لحظتها أسواق العملات والأسهم داعما للنمو وقطاع الأعمال، مما أدى إلى جذب استثمارات من جميع أنحاء العالم وزيادة الطلب على العملة الأميركية.

لكن تلك الطفرة والحماس لم يدوما طويلا، فبعد منتصف يناير/كانون الثاني بدأ مؤشر الدولار بالتراجع تحت وقع أول قرارات ترامب الاقتصادية، خاصة ما يتعلق بالرسوم الجمركية والنزوع نحو تعزيز الانعزالية والالتفات نحو الداخل الأميركي.

وهكذا تبددت الآمال في إدارة داعمة لقطاع الأعمال لتحل محلها مخاوف مستمرة بشأن التضخم المستمر وتأثير أسعار الفائدة المرتفعة أصلا على الاقتصاد، وعلى الشركات في سوق الأسهم.

وبسبب ذلك دخل الدولار في منحى تراجعي وانخفضت قيمته بنحو 11% خلال النصف الأول من العام الجاري، مسجلا بذلك أكبر انخفاض في النصف الأول من العام منذ أكثر من 5 عقود.

وبلغ مؤشر الدولار إلى غاية الثلاثاء 7 أكتوبر/تشرين الأول الجاري 98.31، ويتوقع بنك مورغان ستانلي -وهو من أكبر المصارف الأميركية- المزيد من الانخفاضات بحيث قد ينزل مؤشر الدولار إلى 91 بحلول منتصف عام 2026.

منحى هبوطي

ورغم أن الدولار أظهر مع بداية أكتوبر/تشرين الأول الجاري بوادر انتعاش طفيف بعد أن انخفض إلى أدنى مستوياته في سبتمبر/أيلول الماضي، حيث بلغ مؤشره نحو 96 فإن المنحى الهبوطي لا يزال هو السمة الرئيسية في أداء الدولار، وسيبقى الأمر كذلك رغم التحسن الطفيف المتوقع خلال بقية الربع الأخير من العام الجاري.

وترجح جل تقارير كبرى المصارف الأميركية والمنابر الإعلامية والبحثية المتخصصة أن حالة عدم اليقين في المشهد السياسي والاقتصادي الأميركي ستعزز خلال الأشهر المقبلة التوجه إلى زيادة نسب التحوط من العملات الأجنبية على حساب الدولار الذي فقد الكثير من جاذبيته كملاذ آمن عالمي.

وتراجعت قيمة الدولار بسبب الهزات التي أحدثتها السياسات الاقتصادية للرئيس ترامب والمتعلقة بالرسوم الجمركية والضرائب التي دفعت المستثمرين العالميين إلى بيع ما بحوزتهم من دولارات، مما زاد الضغط على العملة الأميركية وأثر سلبا على قيمتها.

كما تأثر الدولار بهجمات ترامب متكررة على مجلس الاحتياطي الفدرالي بشأن خفض نسبة الفائدة، إضافة إلى القلق الذي أثاره مشروع قانون الضرائب في موازنة العام الجاري، والتي وصلت إلى طريق مسدود مع نهاية سبتمبر/أيلول ودخول البلاد حالة إغلاق حكومي منذ الأول من أكتوبر/تشرين الأول.

وتتباين تأثيرات انخفاض قيمة الدولار إيجابا وسلبا على مختلف الأطراف المعنية بشكل مباشر أو غير مباشر بالعملة الخضراء، سواء كانوا أفرادا أو مؤسسات أو شركات أو دولا أو تجمعات اقتصادية، وفيما يلي عرض لأبرز الرابحين والمتضررين من حالة الدولار.

زر الذهاب إلى الأعلى