تركيا على خطّ الوساطة.. رئيس الاستخبارات التركي في بيروت؟

تركيا على خطّ الوساطة.. رئيس الاستخبارات التركي في بيروت؟
بعد أشهر من المواقف “الضّبابيّة”، دخَلَت تركيا على خطّ الوساطة لحلّ أزمة تبادل الأسرى بين حركة حمـ ـاس وإسـ ـرائيل. تغيّرت لهجة الرّئيس التّركيّ رجب طيّب إردوغان، وأضحت مواقفه أكثر حدّة اتّجاه تل أبيب.
بينما كانَ إردوغان يرفع السّقف التّركيّ، كانت محرّكاته الدّبلوماسيّة والأمنيّة تعمل على أكثر من اتّجاه: إيران، قطر، مصر، الإمارات، ولبنان.
لهذا كانَ وفد الحركة برئاسة إسماعيل هنيّة وخالد مشعل يزور إسطنبول للقاء الرّئيس التّركيّ رجب طيّب إردوغان.
قيادة حمـ. ـاس إلى عُمان أو الجزائر؟
بحسب مصادر حركة حمـ ـاس، تركّزَت زيارة “أبي العبد” و”أبي الوليد” على نقطتيْن أساسيّتَيْن:
الأولى: شكر الرّئيس التّركيّ على مواقفه الأخيرة الدّاعمة للقضيّة الفلسطينيّة، وذلك بعد 7 أشهر من “المواقف التّركيّة التي لا تعكس حقيقة حجم تركيا ودورها الدّاعم للقضيّة في آخر عقديْن”، على حدّ وصف المصدر.
بينما الثّانية: بحث الدّور الذي يُمكن أن تقوم به تركيا للوصول إلى صفقةٍ لتبادل الأسرى، وذلك بالتّنسيق مع قطر ومصر.
تتمتّع تركيا بعلاقات جيّدة مع الطّرفيْن الفلسطّ. ـينيَّيْن الأهمّ: السّلطة الفلسطينيّة وحركة حمـ. ـاس. كما تربطها علاقة متينة بالرّاعي الأساسيّ لحـ. ـماس، إيـ. ـران. ناهيكَ عن العلاقة الاستراتيجيّة التي تجمع أنقرة بالدّوحة، والعلاقات التي تتحسّن عندَ مطلع كلّ شمسٍ مع القاهرة.
ولئن كانت مواقف أنقرة الأخيرة اتّجاه تل أبيب لا تُخوّلها لعبَ دور الوساطة بين حمـ ـاس وإسـ ـرائيل، إلّا أنّ علاقاتها بالدّول المذكورة والولايات المُتّحدة تُخوّلها لعب دور أساسيّ في دفعِ مُفاوضات التّبادل قدُماً.
في هذا الإطار، تنفي المصادر الحمساويّة ما نقلته صحيفة “وول ستريت جورنال” عن نقل مقرّ قيادة الحركة من الدّوحة إلى أنقرة أو أيّ مكانٍ آخر.
لكنّ مصدراً إقليميّاً واسع الاطّلاع كشفَ لـ مصادر أنّ وفداً من حمّ. ـاس زارَ سلطنة عُمان وجنوب إفريقيا ليبحث إمكانيّة نقل قيادات الصّف الثّاني في الحركة من الدّوحة مع بقاء إسماعيل هنيّة وخالد مشعل وخليل الحيّة في قطر، إلّا أنّ هذه المفاوضات لم تصل إلى نتيجة. وأخيراً تُحاول الحركة التّفاوض مع الجزائر في هذا الشأن.
كالن عندَ الحزب..
يقول المصدر إنّ دور تركيا ليسَ بديلاً عن الوساطة القطريّة – المصريّة، بل هو دورٌ مُساعِد ومُكمّل جاءَ بناءً على طلبٍ أميركيّ. وفي هذا الإطار زار رئيس الاستخبارات التّركيّة إبراهيم كالن العاصمة الإيـ ـرانيّة طهران والعاصمة الإماراتيّة أبو ظبي بعيداً عن الإعلام. بينما هو على تواصل مستمرّ مع نظيره المصريّ اللواء عبّاس كامل والقطريّ عبدالله الخُليفي لتنشيط المُحرّكات التّركيّة في المفاوضات.
كما علمَ “أساس” أنّ كالن سيزور العاصمة اللبنانيّة بيروت خلال أيام بعيداً عن الأضواء للقاء المسؤولين اللبنانيين “بروتوكوليّاً”، وقيادة الحزبِ كوجهة أساسيّة لزيارته.
فيما سيبحث كالن مع قيادة الحزب مُفاوضات الأسرى، والأوضاع على الحدود الجنوبيّة والملفّ السّوريّ.
بينما واشنطن تُريد من أنقرة أن تُمارِسَ ضغوطاً لتليين مواقف حمـ. ـاس لشقّ الطّريق أمام التّوصّل لاتّفاقٍ بأسرع وقتٍ مُمكن. لهذا كانَ إردوغان يُشبّه الحركة بحركات المُقاومة التّركيّة، فيما يتّخذ إجراءات تُقيّد التّجارة مع إسـ ـرائيل، لطمأنة الحركة حول حقيقة الموقف التّركيّ.
كذلك تُحضّر تركيا نسخة جديدة من “أسطول الحرّيّة” لينطلقَ قريباً من السّواحل التّركيّة نحوَ قطاع غزّة بهدف “كسر الحصار”. وهذا ما تصفه المصادر بأنّه ضغطٌ من أنقرة على تل أبيب.
إيران على الخطّ
قبل أيّام زارَ وزير الخارجيّة التّركيّ ورئيس الاستخبارات الأسبق حقّان فيدان العاصمة القطريّة الدّوحة، حيث بحثَ ملفّ تبادل الأسرى والملفّ السّوريّ.
اطّلعَ فيدان من نظيره القطريّ على آخر مُستجدّات المفاوضات، كما وسمِعَ من القطريين عن الدّور الذي تستطيع أن تلعبه أنقرة. بينما تشير معلومات إلى أنّ فيدان كانَ على تواصل دائم مع نظيره الإيـ ـراني حسين أمير عبد اللهيان أثناء وجود الأوّل في الدّوحة.
كما أدّت هذه الاتّصالات وزيارة كالن لطهران إلى دخول أنقرة بشكلٍ مباشر وواضح على خطّ مُفاوضات الأسرى. إذ إنّ الدّور الذي لعبته تركيا بالشّراكة مع قطر عشيّة الرّدّ الإيرانيّ على إسرائيل بين واشنطن وطهران أدّى إلى ضبطِ الاشتباك إلى حدٍّ كبير، كما ومنع تفاقم المواجهة في الإقليم. وهذا ما طمأنَ إيران إلى حدٍّ كبير.
ما جديد مُفاوضات تبادل الأسرى؟
حتّى السّاعة لم تستطع كلّ الضّغوط الأميركيّة على حمـ ـاس وإسـ ـرائيل أن تكسرَ الجمود المُهيمن على مفاوضات تبادل الأسرى.
يعزو مصدر لبنانيّ مطّلع على المُفاوضات تعقّدها إلى أنّ “حمـ. ـاس لم يعد لديها أسرى أحياء”.
لكنّ مصادر حماس تقول إنّ “كشفَ مصير الأسرى رهنُ المفاوضات، وإذا كانت تل أبيب تُريد حقّاً كشف مصيرهم فعليها أن تكون جدّيّة في المحادثات”، بينما “المقاومة تمتلك الكثير من أوراق القوّة في التّفاوض، ووضعها العسكريّ والسّياسيّ متين للغاية، على الرّغم من الوضع الإنسانيّ الصّعب”.
تعتبر مصادر “حمـ. ـاس” أنّها انتظرَت 6 سنوات للتّفاوض حولَ الأسير السّابق جلعاد شاليط، وذلك وبعدَ الدّمار الذي لحق بالقطاع ليسَ لديها ما تخسره في هذا الشأن، بينما تل أبيب وواشنطن لا تملكان أيّة معلومة حولَ مصير الأسرى، وهذ الأمر هو إحدى أوراق القوّة الحمساويّة.
على الرّغم من كلّ جهود الوساطة، لا تزال حماس مُتمسّكة بمطالبها:
مطالب حمـ. ـاس
1- التّوصّل إلى وقف لإطلاق النّار.
2- انسحاب قوات الجيش الإسـ ـرائيلي خارج حدود قطاع غزّة.
3- إبرام صفقة تبادلٍ للأسرى مع تل أبيب.
4- عودة النّازحين إلى شمال قطاع غزّة.
5- زيادة تدفّق المساعدات الإنسانيّة من كلّ المعابر الحدوديّة للقطاع.
6- حسم مسألة إعادة إعمار ما دمّرته آلة الحرب الإسرائيليّة.
7- التّعهّد الإسـ ـرائيلي بعدم المساس بالمسجد الأقصى ووقف كلّ محاولات التهويد وطمس هويّته.
الأميركيّون يراهنون على الدّور التّركيّ. بينما إيـ ـران وحمـ ـاس لا يمانعان أن يلعَب إردوغان أيّ دورٍ “إيجابيّ”، كما أنه ما دام سقف المفاوضات لا يُؤدّي إلى “كسر” الحركة سياسيّاً.
وحدها تل أبيب قد لا تتقبّل أن تدخل أنقرة على خطّ التفاوض. بينما الحاجة الإسـ ـرائيليّة إلى التّجارة مع تركيا والطّلب الأميركيّ من تركيا الدّخول على الخطّ قد يُؤدّيان إلى خرقٍ في جدار المُفاوضات الذي يكبر يوماً بعدَ يوم.