قضايا الأسرة

حظر وسائل التواصل الاجتماعي في أستراليا

بعد أشهر من الترقب والنقاش أصبح حظر وسائل التواصل الاجتماعي في أستراليا على القاصرين ساري المفعول اعتبارا من 10 ديسمبر/كانون الأول 2025، حيث يتعين على الشباب الأستراليين دون سن 16 عاما الآن التأقلم مع الواقع الجديد المتمثل في “عدم قدرتهم على امتلاك حسابات على بعض منصات التواصل الاجتماعي، بما في ذلك إنستغرام وتيك توك وفيسبوك وسناب شات”.

وقالت ليزا م. غيفن أستاذة علوم المعلومات والخبيرة المتخصصة في تكنولوجيا التحقق من العمر بجامعة رميت الأسترالية إن المستقبل وحده سوف يكشف مدى نجاح هذه “التجربة الجريئة الأولى من نوعها عالميا”.

وأشارت غيفن في مقال نُشر مؤخرا على موقع كونفرسيشن إلى أن العديد من الدول تفكر بالفعل في اتباع نهج مماثل لأستراليا، في الوقت الذي تراقب فيه دول أخرى الوضع عن كثب.

وأوضحت أن الحكومة الأسترالية وضعت مسؤولية التحقق من العمر “على عاتق شركات التكنولوجيا”، مع فرض غرامات على الشركات المخالفة تصل إلى 49.5 مليون دولار أسترالي (33 مليون دولار أميركي)، وفقا لهيئة الإذاعة الأسترالية “إيه بي سي”.

أوروبا تنتفض لحماية الأطفال من طوفان الإنترنت

وسط تزايد المخاوف من شعور الآباء بالعجز أمام المخاطر النفسية التي قد يتعرض لها الأطفال والمراهقون جراء “طوفان التكنولوجيا الذي يغمر منازلهم عبر الخوارزميات التي تستغل نقاط ضعفهم” صوّت البرلمان الأوروبي أواخر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بأغلبية ساحقة لصالح:

  • منع من هم دون سن 16 عاما من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي “دون موافقة الوالدين”.
  • حظر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لمن هم دون سن 13 عاما “حظرا تاما”.
  • حماية الأطفال والمراهقين من “الميزات الإدمانية” مثل التمرير اللانهائي، والفيديوهات التلقائية، والإشعارات المفرطة، ومكافآت الاستخدام المتكرر للموقع.
  • فرض “حظر رقمي ليلي” على القاصرين من الساعة العاشرة مساء حتى الثامنة صباحا.
    A girl is sitting at a table by a large window, holding a yellow smartphone in front of their face. She is wearing a pink sweater and appear to be inside a cozy café with soft lighting.
    دول عديدة اقتفت أثر أستراليا بشأن حظر مواقع التواصل على القاصرين (غيتي)

وأشادت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بالخطوة “الجريئة” التي اتخذتها أستراليا، ووصفتها بأنها “ملهمة”.

وقالت إن هذا أمر منطقي تماما، فنحن نتفق جميعا على “ضرورة بلوغ الشباب سنا معينة قبل الوصول إلى المحتوى المخصص للبالغين على وسائل التواصل الاجتماعي”.

كما تعهدت الدانمارك بمنع من هم دون سن 15 عاما من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي “إلا بموافقة الوالدين”.

أما إيطاليا فتفرض قوانين تلزم من هم دون سن 14 عاما بالحصول على “موافقة الوالدين” على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، في حين اتخذت كل من إسبانيا والنرويج خطوات نحو تطبيق قيود مماثلة.

وينطبق الأمر نفسه على ألمانيا، حيث لا يُسمح للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و16 عاما بالوصول إلى المنصات “إلا بموافقة الوالدين”.

وفي إسبانيا، سيرتفع الحد الأدنى لسن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي من 14 إلى 16 عاما “ما لم يوافق الوالدان”.

كما أعلنت النرويج عن خطط لتقييد استخدام مواقع التواصل الاجتماعي لمن هم دون سن 15 عاما.

تجريم الآباء الذين لا يحمون الأطفال

في سبتمبر/أيلول 2025 أوصت لجنة تحقيق فرنسية هي الأخرى بـ:

حظر الهواتف الذكية في المدارس، وتجريم “الإهمال الرقمي” للآباء الذين لا يحمون أطفالهم، وفرض حظر رقمي ليلي على من تتراوح أعمارهم بين 15 و18 عاما.

Men use smartphones to social media on vacation at home, use social media to talk to social distancing ,Working From Home concept.
الولايات المتحدة أبدت معارضة شديدة وواسعة النطاق لقيود وسائل التواصل الاجتماعي الأسترالية (غيتي)

دول أخرى لم تقف متفرجة

وبحسب وكالة رويترز، أعلنت نيوزيلندا أنها ستصدر تشريعات مماثلة لتلك الأسترالية في أوائل عام 2026.

وتسعى باكستان والهند أيضا إلى الحد من تعرّض الأطفال للمحتوى الضار من خلال سن قواعد تشترط “موافقة الوالدين، والتحقق من العمر للوصول إلى المنصات”، إلى جانب توقعات بشأن “فرض مراقبة على المحتوى من شركات التكنولوجيا”.

كما أعلنت ماليزيا حظر استخدام الأطفال دون سن 16 عاما وسائل التواصل الاجتماعي بدءا من عام 2026.

أميركا تعارض

أظهرت الولايات المتحدة معارضة شديدة وواسعة النطاق لقيود وسائل التواصل الاجتماعي الأسترالية، وصرّح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأنه سيتصدى لأي دولة “تهاجم” شركات التكنولوجيا الأميركية. وتم استدعاء مفوضة السلامة الإلكترونية الأسترالية جولي إنمان غرانت للإدلاء بشهادتها أمام الكونغرس الأميركي.

من جهتها قالت وزيرة الاتصالات الأسترالية أنيكا ويلز إن أستراليا لن تخضع لضغوط الشركات بشأن حظر وسائل التواصل الاجتماعي.

فن التفاهم مع أطفالك بشأن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي

إذا كنت تجد صعوبة في التحدث مع طفلك عن تجاربه على الإنترنت وتشعر أحيانا وكأنك تحاول فك شفرة سرية فإليك بعض الخطوات لتسهيل هذه المناقشات، وفقا لتوصيات الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال:

  • اختر وقتا مناسبا للحديث: تجنب إيصال أي رسائل مباشرة عقب نقاش حاد أو عندما يكون طفلك متعبا بعد يوم دراسي طويل أو أمام أصدقائه.

بالمقابل، ابدأ المحادثة عندما يكون لديك متسع من الوقت وتستطيع التركيز، كأن تكونوا في السيارة أثناء التوجه إلى نشاط ما أو خلال عشاء عائلي، على سبيل المثال.

  • تفاعل بفضول: ابدأ الحديث عن وسائل التواصل الاجتماعي بفضول حقيقي، واطرح أسئلة مفتوحة تشجع أطفالك على مشاركة المزيد عن تجاربهم وآرائهم بدلا من الأسئلة التي إجابتها نعم أو لا، مثل “ما الشيء المثير للاهتمام الذي رأيته على الإنترنت اليوم؟”، أو “ما شعورك تجاه الأشياء التي تنشر وتتم مشاركتها؟”، فمثل هذه الأسئلة هي التي تُظهر أنك مهتم حقا بأفكارهم وتجاربهم.
  • اكتشف عالمهم: أظهر اهتمامك بما يثير اهتمام طفلك من خلال معرفة القليل عن المنصات التي يستخدمها لفتح فرص للحوار، واطلب منه أن يريك كيفية عمل شيء ما أو أن يشاركك منشورا أو حسابا مفضلا لديه أو اسأله عن سبب إعجابه بتطبيق أو حساب معين.
Two female hands holding their smartphones, connecting with social media, leaving comments, sending messages and sharing photos. Technology connecting people.
عليك أن تبدأ الحديث عن وسائل التواصل الاجتماعي بفضول حقيقي وأن تطرح أسئلة مفتوحة تشجع أطفالك على الإفصاح عن المزيد حول تجاربهم (غيتي)
  • تحدثوا عن الجوانب الإيجابية: فوسائل التواصل الاجتماعي ليست كلها سيئة، وقد تكون مساحة يجد فيها الأطفال الإلهام، ويضحكون، ويتواصلون مع أصدقائهم. لذا، من الأفضل التركيز على الأشياء الإيجابية التي يمكن أن يجد أطفالك فيها طريقة رائعة لمعرفة المزيد عما يلامس مشاعرهم.
  • ضعوا بعض القواعد معا لمساعدة أطفالكم على الشعور بالاحترام، واجعلهم أكثر انفتاحا والتزاما بالحدود المتفق عليها، وتجنبوا فرض قواعد عليهم، وناقشوا معا عادات استخدام وسائل التواصل الاجتماعي الصحية، وتحدثوا عن المدة التي يرونها هم مناسبة لقضائها على الإنترنت، ونوع المحتوى الذي يمكن نشره أو مشاهدته، وكيفية الحفاظ على سلامتهم، واسألوهم عن شعورهم بعد استخدام تطبيقات أو منصات معينة.
  • كن قدوة حسنة: أظهر لأطفالك سلوكك الشخصي وأهدافك والحدود التي تضعها لنفسك فيما يتعلق باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي ودعهم يرون تفاعلك الإيجابي على الإنترنت وحرصك على اختيار وقت ومكان استخدامك للأجهزة وسيكتسبون عاداتك.
  • لنجعلها تجربة مشتركة بأن نستكشف وسائل التواصل الاجتماعي مع أطفالنا بين الحين والآخر، فنضحك على مقطع فيديو مضحك معا، أو نجد تحديا رائجا فنجرب خوضه معا، أو نتابع بعض الحسابات التي يمكننا التحدث عنها معا، كطريقة ممتعة لإظهار اهتمامنا وإنشاء ذكريات جميلة.
زر الذهاب إلى الأعلى