اخبار لبنان ??خاص لبنان والعالم

قضية إلسي مفرّج وتجاوزات MTV

قضية إلسي مفرّج وتجاوزات MTV

 

تعبّر تصرفات قناة MTV الأخيرة تجاه الصحافية النقابية إلسي مفرّج عن تجاهل واضح لحقوق العاملين وحرياتهم النقابية. إن معاقبة مفرّج بسبب نشاطها النقابي يعد تعدّيًا على الحق الأساسي في حرية التعبير والانضمام للنقابات، وهو حق مكفول في القوانين اللبنانية والدولية على حد سواء.

لقد كانت إلسي مفرّج تعمل بجد وإخلاص لقناة MTV لسنوات طويلة، وقدمت الكثير من وقتها وجهدها لخدمة القناة بكل تفانٍ. مع ذلك، اختارت إدارة القناة مكافأتها بالطرد التعسفي، مما يعطي فكرة سلبية جدًا عن تعامل القناة مع موظفيها ويبرز انعدام التقدير للمساهمات القيمة التي قدمتها مفرّج.

كانت قناة MTV في موقف غريب حين اختارت مواجهة النقد البناء بعقوبات تعسفية. استخدام القوة في التعامل مع الصحافيين الذين يعبّرون عن آرائهم بحرية يدل على ضعف في إدارة الأزمات وقصور في احترام مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان.

بالإضافة إلى ذلك، فإن الانتقادات الموجهة للجنوب وللمقاومة في مواجهة دولة إسـ ـرائيل تثير تساؤلات جدية حول اتجاهات القناة ومواقفها. من غير المقبول أن تهاجم القناة جهات تسعى لحماية الوطن،ولو كان هناك اختلاف كبير في السياسة، ويتساءل الكثيرون حول دوافع وأهداف هذه الانتقادات. ليس للقناة الحق في التصرف بهذه الطريقة، خاصةً عندما يتعلق الأمر بقضايا تمس السيادة الوطنية والأمن القومي.

لا يمكننا أن نقبل بتلك التصرفات التي تعكس تراجعًا في مسار الحريات الصحفية والنقابية في لبنان. يجب على قناة MTV أن تتحمل مسؤوليتها تجاه موظفيها وأن تضمن لهم حرية ممارسة حقوقهم دون خوف من الفصل التعسفي أو العقاب، وأن تتبنى موقفًا متوازنًا ومحترمًا في تغطيتها للأحداث والقضايا الوطنية.

وفي سياق متصل استنكرت نقابة الصحافة البديلة تصرف القناة وأبدت وقوفها ودعمها الكامل للصحافية النقابية إلسي مفرّج من خلال منشور على مواقع التواصل الاجتماعي جاء فيه

‏تبلّغت منسّقة تجمّع نقابة الصحافة البديلة إلسي مفرّج قرارًا بصرفها من عملها كمعدّة محتوى في قناة MTV، وذلك على خلفية عملها النقابي.

هذا الاجراء أتى تبعًا للبيان الذي أصدرته النقابة البديلة في تاريخ ١٦ كانون الأول ٢٠٢٤، رفضًا للإجراءات القضائية التي اتّخذت في الشكاوى المقدّمة من قبل MTV ضدّ عددٍ من الصحافين والناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي بتهمة التحريض عليها.

وذكّر البيان بأنّ الصحافيين لا يمثلون للتحقيق إلّا أمام قاضي تحقيق وليس أمام الضابطة العدلية، واعتبر بأنّ توقيف الناشطات يخالف مبادئ حرّية التعبير. وقد وضعت إدارة قناة MTV الزميلة مفرّج أمام خيارين للمحافظة على عملها، وهما إما تراجع النقابة عن البيان أو استقالتها من النقابة. وبرّرت الإدارة قرارها بضرورة “الوفاء” للقناة وبأنّ البيان، الذي بالمناسبة لم يأتِ على ذكرها، “مسيء لها”.

بناء على ذلك يهمّ تجمّع نقابة الصحافة البديلة أن يؤكّد تضامنه الكامل مع الزميلة مفرّج، ودعمه لها في أيّ إجراء قانوني ستُقدم عليه.

ويذكّر إدارة قناة MTV أنّها بهذا القرار تكون قد خالفت قانون العمل اللبناني وعددًا من المبادئ الحقوقية المكرّسة في المعاهدات الدولية التي انضمّ إليها لبنان، ومن أبرزها:

أوّلًا:

يعتبر قانون العمل اللبناني أنّ الصرف من العمل من قبيل الإساءة أو التجاوز في استعمال الحق إذا تمّ بسبب انتساب العامل لنقابة معيّنة أو لقيامه بنشاط نقابي مشروع ولممارسته حرّياته الشخصية أو العامّة. ويضع أحاكمًا خاصّة تتعلّق بصرف أعضاء مجالس النقابات المنتخبين طيلة مدة ولايتهم.

ثانيًا:

يكرّس الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (المادة 23) حق كلِّ شخص في إنشاء النقابات مع آخرين والانضمام إليها. كما ينصّ العهد الدولي الخاصّ بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (المادة 8) على أنّ لا قيود على هذا الحق سوى قواعد المنظّمة المعنيّة، وذلك بقصد تعزيز مصالح الإنسان الاقتصادية والاجتماعية وحمايتها. وتنصّ اتفاقية الحرّية النقابية وحماية حق التنظيم النقابي 1948 (المادة 2) على أنّ للعمّال، من دون تمييز من أيّ نوع، الحق في إنشاء ما يختارونه من منظمات والحق في الانضمام إلى تلك المنظمات، من دون ترخيص مسبق.

ثالثًا:

تلزم اتفاقية حق التنظيم النقابي والمفاوضة الجماعية 1949 (المادة 1) الدول التي توقع عليها ومن ضمنهم لبنان، بضرورة تأمين الحماية للعمّال من أيّة أعمال تمييزية على صعيد استخدامهم تستهدف المساس بحرّيتهم النقابية. وتنطبق هذه الحماية إزاء رهن استخدام العامل بشرط ألّا ينضمّ إلى نقابة أو أن يتخلّى عن عضويّته النقابية، وإزاء فصله من العمل بسبب عضويّته النقابية.

أمام هذه المعطيات، يجدّد تجمّع نقابة الصحافة البديلة دعمه الكامل للزميلة مفرّج مؤكدًا أنّه لن يتوانى عن الوقوف في وجه هكذا إجراء تعسّفي يرمي إلى تخيير الصحافيين بين نشاطهم النقابي وديمومة عملهم، في مخالفة واضحة للقوانين، تنطوي على تجاوز للحق في الانتساب إلى النقابات وعلى تقييد لحرّية التعبير.

إنّ التجمّع الذي لطالما قدّم إمكانياته لحماية الزميلات والزملاء، لن يتأخّر في دعم منسّقته وحمايتها في وجه هذا الاستهداف غير المنصف بعد أن كرّست نفسها للوقوف إلى جانب قضايا الصحافيين.

ونجدّد التزامنا بتقديم الدعم القانوني والإعلامي، لكلّ الزملاء والزميلات ليتمكّنوا من حماية حقوقهم الوظيفية والنقابية، وسنكون بالمرصاد لأيّ عملية صرف تعسّفي من قناة MTV أو من أيّ مؤسّسة إعلامية أخرى، ولن نسمح بتكريس سوابق كهذه من شأنها تهديد حرّية العمل النقابي وحرّية التعبير.

إقرأ أيضاً

تحولات في قطاع الطاقة… ماذا يحدث خلف الكواليس؟

زر الذهاب إلى الأعلى