اخبار لبنان ??اقتصادمحلي

خطوة مرتقبة تثير أسئلة حول وجهة السياسة النقدية المقبلة لمصرف لبنان

خطوة مرتقبة تثير أسئلة حول وجهة السياسة النقدية المقبلة لمصرف لبنان… بدأ المصرف المركزي فرض قيود على العمليات المالية عبر المؤسسات غير المصرفية، في إطار مساعيه لمكافحة تبييض الأموال ومنع انتقالها بطريقة غير قانونية، على وقع ضغوط تمارسها واشنطن لتجفيف مصادر تمويل الكيان الإسرائيلي لـ”حزب الله” وتجريده من سلاحه.

وجاء الإعلان عن إجراءات احترازية بعد أيام من زيارة وفد أميركي إلى بيروت ضم مسؤولين من الخزانة الأميركية، دعا السلطات إلى قطع مصادر تمويل “حزب الله” من داعمته إيران، مع تقديره نقل مبلغ أكثر من مليار دولار منذ مطلع العام، غالبيته عبر شركات صيرفة.

وأعلن المصرف المركزي فرض “إجراءات وقائية” تطال عمل “جميع المؤسسات المالية غير المصرفية المرخصة من قبل مصرف لبنان، بما في ذلك شركات تحويل الأموال، وشركات الصرافة، وغيرها من الجهات التي تقوم بعمليات التداول بالأموال النقدية من العملات الأجنبية وتحويلها من لبنان وإليه”.

وبدءًا من مطلع الشهر المقبل، يتعيّن على تلك المؤسسات، وفق تعميم للمركزي، “جمع المعلومات والبيانات المتعلقة بعملائها وعملياتها” عند “إجراء أي عملية نقدية تساوي أو تتجاوز قيمتها مبلغ 1000 دولار أميركي أو ما يعادله للعملية الواحدة”، وإرسالها إلى المصرف المركزي في مدة لا تتجاوز يومين من تاريخ إجراء العملية.

وكتبت “الشرق الأوسط”: بدأ لبنان بالاستجابة لمطالب الولايات المتحدة بـ”تقييد” تمويل “حزب الله”، إذ اتخذ مصرف لبنان أمس “الخطوة الأولى ضمن سلسلة من الإجراءات الاحترازية الهادفة إلى تعزيز بيئة الامتثال داخل القطاع المالي”.

وتضمنت مبادرة “المركزي” “فرض الإجراءات الوقائية على جميع المؤسسات المالية غير المصرفية المرخصة من قبل مصرف لبنان، بما في ذلك شركات تحويل الأموال، والصرافة، وغيرها من الجهات التي تقوم بعمليات التداول بالأموال النقدية من العملات الأجنبية وتحويلها من لبنان وإليه”.

وستركز الخطوات التالية للسلطة النقدية على تنشيط المدفوعات في قطاعات التجزئة بالوسائل الإلكترونية سواء عبر البطاقات أو الهواتف الذكية والتحويلات الداخلية والخارجية (أونلاين) المربوطة بشبكات تقنية موثوقة لدى المصارف، والتي تخضع أساساً لمقتضيات معرفة العميل (KYC)، مما يسهم في ضبط الانفلات النقدي عبر التحكم بضخ السيولة من الدولار.

وتتطابق هذه الانطلاقة مع معلومات عرضتها “الشرق الأوسط”، واستقتها من مضمون الاجتماعات التي عقدها الوفد المالي الأميركي على المستويات الرئاسية والوزارية والنيابية وحاكمية البنك المركزي، والتي شدّدت على وجوب اتخاذ إجراءات صارمة لسد الثغرات التي تتيح تسلّل التمويل لصالح منظمة “حزب الله” ومؤسساته، وكبح الوسائل غير الخاضعة للرقابة التي يستفيد منها، بما فيها شركات صرافة وتحويل أموال وعمليات اتجار مشبوهة “كثير منها يتم نقداً والكثير عبر الذهب وبعضها عبر عملات مشفرة”، حسب توصيفات الوفد.

وعلم أن الخطوات التالية للسلطة النقدية ستركز على تنشيط المدفوعات في قطاعات التجزئة بالوسائل الإلكترونية سواء عبر البطاقات أو الهواتف الذكية والتحويلات الداخلية والخارجية (أونلاين) المربوطة بشبكات تقنية موثوقة لدى المصارف، والتي تخضع أساساً لمقتضيات معرفة العميل (KYC)، مما يسهم في ضبط الانفلاش النقدي عبر التحكم بضخ السيولة من الدولار، وبما يشمل جزءاً من المبالغ النقدية التي يضخها البنك المركزي شهرياً لسداد مخصصات القطاع العام ومشاركة البنوك في إيفاء الحصص الخاصة بالمودعين تطبيقاً للتعاميم.

وبدا واضحاً في الأسباب الموجبة للخطوة، وفق مصادر مالية مواكبة، الحرص على تجنب البعد السياسي الداخلي، والحؤول دون إثارة الطرف السياسي المعني، عبر ربطها حصراً بالجهود لإخراج لبنان من اللائحة “الرمادية” لمجموعة العمل المالي الدولية (فاتف)، والتنويه بأن “إدراج أي دولة على هذه اللائحة يعد مؤشراً على وجود ثغرات في مكافحة المعاملات المالية غير المشروعة، مما يؤدي إلى تشديد التدقيق والرقابة الدولية وانخفاض مستوى الثقة من قبل المؤسسات المالية العالمية”.

وفي توضيح إضافي يستجيب بشكل غير مباشر لطلب وفد الخزانة الأميركية بالتشدد في كبح تسرب الأموال النقدية خارج القنوات التقليدية في المصارف، ورد في تبريرات البنك المركزي أن إجراءات الحماية التي تم تعميمها، تهدف إلى “منع انتقال الأموال غير المشروعة أو المكتسبة بطرق غير قانونية عبر هذه المؤسسات من خلال فرض متطلبات امتثال أكثر تشدداً، وإجراءات عناية معززة على جميع الأشخاص المعنويين والطبيعيين المشاركين في العمليات النقدية، بما في ذلك المستفيدون النهائيون”.

وبالمثل، ستكون هناك خطوات لاحقة لفرض إجراءات احترازية إضافية على المصارف التجارية، وفق إفصاح البنك المركزي، بما يؤدي إلى “إقامة طبقات متعددة من الضوابط ونقاط التدقيق الرامية إلى الكشف عن الأموال غير المشروعة واحتوائها ومنع تداولها عبر النظام المصرفي وشبكة القطاع المالي”.

كما ستقوم لجنة الرقابة على المصارف بمراقبة تطبيق هذه الإجراءات ومدى الالتزام بها من جميع المصارف والمؤسسات المالية غير المصرفية المعنية، وباتخاذ الإجراءات التصحيحية المناسبة عند الاقتضاء.

وبموجب القرار الأساسي المرفق بتعميم البنك المركزي رقم 3، والموجه تحديداً إلى المؤسسات المالية غير المصرفية، فقد أصبحت ملزمة بجمع المعلومات والبيانات التفصيلية المتعلقة بعملائها وعملياتها لكل عملية تبلغ 1000 دولار أميركي وما فوق، والعمل على تحديث بيانات “اعرف عميلك” وفق نماذج مرفقة تشمل الأشخاص الطبيعيين والشخصيات المعنوية وأصحاب الحق الاقتصادي.

وفرض التعميم على المؤسسات إرسال البيانات المطلوبة إلى البنك المركزي بشكل مشفّر خلال مهلة لا تتجاوز يومي عمل من تاريخ تنفيذ العملية عبر البريد الإلكتروني المخصص لجمع المعلومات. كما حدد مهلاً لتطبيق الإجراءات الجديدة، أبرزها اعتماد النماذج الخاصة بالعمليات النقدية والعملاء الجدد بحلول بداية الشهر المقبل، على أن يتم إنهاء إجراءات العملاء الحاليين خلال 6 أشهر من تاريخ صدور القرار.

وأشار المصرف المركزي إلى أن مخالفة هذه الأحكام تعرض المؤسسات للعقوبات المنصوص عليها في المادة 208 من قانون النقد والتسليف، والتي تتدرج من التنبيه إلى الشطب وسحب الترخيص فضلاً عن الغرامات والعقوبات الجزائية التي يتعرض لها المخالف.

وكتبت “الأخبار”: أصدر مصرف لبنان تعميماً أساسياً رقمه 3 موجهاً إلى المؤسسات المالية وكونتوارات التسليف ومؤسسات الصرافة والمؤسسات التي تقدم خدمات التحاويل النقدية الداخلية أو الخارجية المنفذة بالوسائل الإلكترونية وللمؤسسات التي تقدم خدمة المحفظة الإلكترونية، وقضى بأن يتم إجبار زبائنهم على التصريح وفق استمارة “اعرف عميلك” عن كل عملية نقدية بقيمة تساوي أو تتجاوز مبلغ 1000 دولار أميركي أو ما يعادله.

أتى هذا القرار بناءً على تعليمات موجهة من مسؤولي وزارة الخزانة الأميركية في زيارتهم الأخيرة إلى بيروت، في إطار ما سمي مكافحة اقتصاد الكاش وتجفيف الموارد المالية لحزب الله.

اللافت في هذا التعميم ليس فقط كمية التفاصيل المطلوبة للتصريح عن كل عملية نقدية بقيمة 1000 دولار وما فوق، بل في أن التصريح عن العمليات النقدية على الحدود وفق القانون اللبناني يحدد 15000 دولار للتصريح.

بمعنى آخر، إن هذا التعميم الذي يحاول الاستناد إلى القوانين في بنائه يخالف القانون رقم 42 الصادر في 2015/11/24، والذي صدر أيضاً بعد توصيات من مجموعة “غافي” وفي إطار مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب بهدف اتخاذ الإجراءات الضرورية الآيلة إلى تعقب نقل الأموال النقدية عبر الحدود. أما اليوم فإن التعميم يعدل في القيم الخاضعة للرقابة من 15000 دولار إلى 1000 دولار ويوسع نشاط الرقابة إلى العمليات الداخلية أيضاً.

ومن ناحية ثانية، فإن التعميم يهدف بشكل غير مباشر إلى دفع العمليات النقدية نحو المصارف، أي أن يعود اللبنانيون إلى التعامل مع المصارف التي سرقت ودائعهم. وللتذكير فقط، فإن الإمارات العربية المتحدة التي كانت مدرجة على اللائحة الرمادية لم تتعامل مع المقيمين على أراضيها بالشكل المذل الذي يتعامل به مصرف لبنان، أي الحاكم ونوابه وأعضاء المجلس المركزي، مع المقيمين على الأراضي اللبنانية.

إقرأ أيضاً:  خطوات خفيّة لإعادة وصل ما انقطع بين بيروت والرياض

 

زر الذهاب إلى الأعلى