باريس لواشنطن:مساعدة لبنان بالجيش فقط ليس كافياً!

تقوم الدوائر الفرنسية بمراجعة سياستها في لبنان في ضوء ما حدث منذ مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عقب انفجار مرفأ بيروت. والمراجعة هذه تتعدى القراءة العادية المتعلقة بسياسة فرنسا تجاه لبنان، لتصل إلى طرح أسئلة حول مستقبل هذا البلد ودور القوى الإقليمية والدولية المؤثرة فيه، وموقع القوى السياسية اللبنانية.
في الخلاصات، تتوقف هذه المراجعة حول موقف القوى السياسية منذ أن طرحت المبادرة الفرنسية. فإدارة ماكرون تعرّضت لحملات داخلية، سياسية وإعلامية، على خلفية المبادرة، واتُهمت بتعويم الطبقة السياسية اللبنانية بمجرد طرحها ولقاء ماكرون القيادات السياسية التي كانت تتعرض لشتى أنواع الهجمات من الشعب اللبناني.
وبحسب هذه المراجعة، تعترف فرنسا بتعثر مبادرتها لأسباب متنوعة. لكنها لا تضع المسؤولية على سياستها بقدر ما تحمّلها للسياسيين اللبنانيين الذين لم يفوا بتعهدهم أمام ماكرون نفسه بكل أنواع الالتزامات للتقدم نحو حلول للأزمة. حتى أن الكلام عن فرض عقوبات فرنسية أو مشتركة أوروبية، أثبت عدم فاعليته ولم يعد له تأثير يذكر، ما دام كل ما جرى، منذ ذلك الحين، من تهديدات بها وتحوّلات محلية وضغط خارجي لم يؤثر في السياسيين. وباتت فرنسا تنظر إلى النظام الحالي على أنه فاسد. وعلى رغم أن لها علاقات مختلفة المستويات مع القوى اللبنانية، إلا أنها تتوقف عند علاقتها برئيس الجمهورية العماد ميشال عون بنوع خاص. فالعلاقة معه مزمنة وتاريخية منذ أن كان قائداً للجيش وصولاً إلى مرحلة نفيه إليها وعودته منها. وهي علاقة لا تقتصر على جهة فرنسية واحدة، بل متعددة المستويات، ومتينة ومتشعّبة.
ما تقوله باريس لواشنطن إنه يجب رسم سياسة كاملة للوضع اللبناني، وإن البلد ليس الجيش اللبناني وحده، وحصر واشنطن اهتمامها ومساعدة لبنان بالجيش فقط ليس كافياً. لأنه في حال سقوط لبنان، ماذا ستنفع مساعدة الجيش؟. فلبنان بات مهدداً بالانحلال، وكثرة الضغوط عليه والتحديات ستجعله عاجلاً أم آجلاً رازحاً تحتها، وحينها كيف يمكن الإفادة من دعم واشنطن للجيش، إذا كان هذا الدعم سيذهب هباء. ولأن لا سياسة واضحة تجاه لبنان ومستقبله، تعول باريس على واشنطن ودفعها لاستدراك هذه الضبابية، والأخذ في الاعتبار ضرورة وضع سياسة عامة تتناول جميع مرافقه ومؤسساته، خصوصاً أن موقف واشنطن وتعاطيها مع بيروت يؤثر في موقف دول المنطقة والخليج في نظرتهم إليها، ويساهم أكثر في ترك إيران تتصرف براحة أكبر فيها.
إلا أن واشنطن، حتى الآن، تبدو أكثر ميلاً إلى تجاهل هذا العتب وعدم الدخول في تفاصيل الوضع اللبناني، وهذا ما يقلق باريس، إذ لا تستطيع استيعاب أو تأييد غياب أي استراتيجية أميركية في ظل الإدارة الحالية تجاه لبنان وذلك حسب ما ذكرت صحيفة “الأخبار”.