خاص لبنان والعالممن القارىء

د. سالي حمّود: “في إستقلال ٢٢-٢٢، إنّ ما حلّ بنا ليس قضاء وقدر، بل تكيّف مع إحتلال وانتداب وصداقات مشروطة”

خاص موقع "لبنان والعالم"

د. سالي حمّود: “في إستقلال ٢٢-٢٢، إنّ ما حلّ بنا ليس قضاء وقدر، بل تكيّف مع إحتلال وانتداب وصداقات مشروطة”

كتبت د. سالي حمّود في موقع “لبنان والعالم”:

تحلُّ ذكرى الإستقلال هذا العام في اليوم ٢٢ من الشهر ١١ من العام ٢٢ في القرن الواحد والعشرين.

إذا ما عاينّا هذا الرقم في علم الفلك او الأرقام، أو في مجال التنجيم نراه رقماً مميزاً يخبّئ الكثير من الإيجابية والأمل. اتهموني بالتطيّر إذا شئتم، فالمعجزات السياسية والإقتصادية والدبلوماسية والمالية هي سبيل عبورنا نحو الإستقلال، الإستقلال الفعلي وليس إستقلال الإحتفالات والإستعراضات والمراسلات والخطابات.

تأتي هذه الذكرى في شهر رحيل رئيس الجمهورية إلى أجل عاجل كما تدل المؤشرات البرتقالية. فلا رئيس للدولة في ظل عدم الإتفاق على تسمية رئيس حقيقي بسيرة ذاتية تتيح قيادة الأطراف السياسية وإدارة أزمات البلاد بحنكة.

وفي غياب رئيس الحكومة الذي بات طيفاً برتوكولياً من دون رؤية أو مهام، أو صلاحيات أو دور في تخفيف الأزمات على العائلات المفجوعة بالعتمة والفقر والتهجير والتفجير.

و طبعا هذا العام ككل الأعوام منذ أربعة عقود، تبقى السلطة التشريعية الوحيدة الصامدة والمحمية برئيسها لحماية الديمقراطية من شعبها من مفكرين وتغييريين و شعب حرّ مستقل.

فالإستقلال في مفهومه العميق ليس فقط تحررا من الجيوش الأجنبية بل يمتد معناه إلى التحرر السياسي والإقتصادي والفكري والثقافي كما قال موسى الصدر محاضراً الطلاب في الجامعة الأميركية في بيروت بمناسبة عيد الإستقلال قبل إندلاع الحرب الأهلية بأقل من عام. الإستقلال يتطلب تكوين مفاهيم مشتركة جديدة بين أفراد الوطن بعض إنقضاء مرحلة سابقة حملت الكثير من النزاعات وقد تكون حملت العديد من الحروب.

وذكرت يوماً أن السلم مرحلة اساسية في تكوين مبادئ جديدة، تنبثق من قرار الاستقلال عن مرحلة سابقة، ولكنّنا برهنّا أننا متعلقين بمبادئ موروثة بالية هي بحد ذاتها تهديد للعيش المشترك وأنصاره، كما أنها تعيد ترتيب أولوياتنا بين الوطن والعيش والزعامة. وطبعاً إستعراض مناصري رئيس الجمهورية السابق عند خروجه من قصره نحو قصره الجديد. وهذا موضوع يطول الحديث عنه، ويصلح لمناسبة أخرى ربما.

ولكني لا أقدر ألاّ أقارن الولاء للعلم اللبناني بالولاء لأعلام دول كأس العالم والغيرة عليها. وأستذكر اني لحظة كتابتي هذا النص كنت في زيارة إلى بلاد الإغريق وحدث أن وصلت في ذكرى “يوم الفوضى” وعمرها ٤٩ عام اذ يخرج يومها الشعب إلى الشارع مطالبين بالعدالة الإجتماعية. يومها شعرت بالغيرة من هذا الشعب لأنه متضامن في الشارع منذ نصف قرن، و برغم العديد من الأزمات التي مرت عليه.

“إن ما حل بنا ليس،قضاء وقدر” كما قال رئيس جهاز الأمن العام في رسالته عشية الإستقلال، بل هو نتيجة تكيّفنا مع إحتلال هنا وإنتداب هناك أو صداقات مشروطة مع محور الغرب أو محور الممانعة.

قد يكون هذا العام عيد الإستقلال هو الأصدق لأنه لم يفترش إستعراضاته الرؤساء الثلاث وأتخموه بخطابات كاذبة. إن الإستقلال الحقيقي يأتي عند تحقيق العدالة لضحايا تفجير ٤ آب، وهو إستقلال الشعب اللبناني عن زعماء الطوائف الفاسدين.

 

زر الذهاب إلى الأعلى