لبنان أمام تحديات مصيرية… اجتماع باريس يحدد ملامح القرارات المقبلة

لبنان أمام تحديات مصيرية… اجتماع باريس يحدد ملامح القرارات المقبلة… يحفل الأسبوع السياسي الأخير من العام الحالي بجملة استحقاقات أساسية من شأنها التأثير في تحديد وجهة المرحلة المقبلة. ويتقدّم هذه الاستحقاقات الاجتماع الأميركي الفرنسي السعودي اللبناني الذي يُعقد في باريس اليوم، بمشاركة قائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل، والموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس، والموفد الفرنسي جان إيف لودريان، والموفد السعودي يزيد بن فرحان.
وتعوّل مصادر نيابية على نتائج هذا الاجتماع لفتح أبواب واشنطن أمام قائد الجيش في وقت قريب، معتبرة أن انعقاده بحد ذاته يعكس اهتماماً فرنسياً ودولياً بلبنان، وحرصاً على دعم الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية لاستكمال مهامها، ولا سيما تطبيق القرار 1701 واتفاق 27 تشرين الثاني 2024، وضبط الحدود اللبنانية السورية، واستكمال مسار حصر السلاح بيد الدولة.
وأفادت مصادر دبلوماسية في العاصمة الفرنسية بأن الأمير يزيد بن فرحان سيشارك في المؤتمر، مع ترجيحات غير محسومة بحضور نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي أيضاً، إضافة إلى احتمال مشاركة السفير الأميركي في لبنان ميشال عيسى. أما المؤتمر المرتقب في السعودية، فلا يزال موعده غير محدد حتى الآن.
في موازاة ذلك، تتكثف المساعي الدبلوماسية عبر واشنطن وباريس والقاهرة وقنوات عربية أخرى لإيجاد مخرج للأزمة، في وقت تواصل فيه إسرائيل تصعيد اعتداءاتها اليومية، وسط ضغوط متزايدة على الجيش اللبناني، عبر ربط المساعدات بمستوى تجاوبه مع التوجيهات الأميركية المتوافقة مع مصالح الكيان الإسرائيلي.
وتشير مصادر مطلعة إلى أن باريس منخرطة بجدية في تعزيز الثقة بالجيش اللبناني، وكان لها دور محوري في بلورة آلية التحقق القائمة على أدلة ملموسة، وهي الآلية التي سبق لوزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو أن أشار إليها باعتبارها مساراً إضافياً لمتابعة نزع سلاح حزب الله.
وبحسب المعلومات، فإن اجتماع باريس يشكّل تتويجاً لحراك فرنسي شمل محطتين أساسيتين، الأولى عبر زيارات واتصالات دبلوماسية هدفت إلى تأمين موافقة على عقد مؤتمر لدعم الجيش اللبناني والقوى الأمنية، والثانية تتصل بالدعم الاقتصادي وإعادة الإعمار.
وسيُجري العماد هيكل، على هامش الاجتماع، لقاءات في وزارة الدفاع الفرنسية وقصر الإليزيه، حيث سيقدّم عرضاً متكاملاً حول التحديات التي يواجهها الجيش، خصوصاً في الجنوب، في ظل الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة ورفض الاحتلال الانسحاب من 5 مواقع إضافية لا يزال يحتلها. كما سيتركز النقاش على عمل آلية الميكانيزم، بعد انضمام السفير السابق سيمون كرم، إلى جانب مدير السياسات الخارجية في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي يوري رسنيك.
ومن المقرر أن يتوجه كل من مورغان أورتاغوس وجان إيف لودريان إلى لبنان بعد اجتماع باريس، للمشاركة في اجتماع الميكانيزم يوم الجمعة. وكان السفير سيمون كرم قد التقى رئيس الجمهورية العماد جوزف عون للحصول على التوجيهات قبيل انعقاد اللجنة، فيما نفى نائب رئيس مجلس النواب إلياس بو صعب ما يتم تداوله عن تعيين سفراء آخرين في الميكانيزم. وتشير المعلومات إلى أن ملف الحدود اللبنانية السورية سيكون حاضراً على طاولة البحث، في ظل عرض سابق لتقديم المساعدة إلى البلدين.
وفي السياق نفسه، تفيد معلومات بأن العماد هيكل لن يطلب دعماً مالياً محدداً خلال الاجتماع، بل سيكتفي بعرض لائحة بالمعدات والمستلزمات التي يحتاج إليها الجيش لتنفيذ مهامه جنوب وشمال الليطاني. وتشير التقديرات إلى أن حجم المبالغ المطلوبة لا يزال موضع نقاش، علماً أن رئيس الجمهورية كان قد تحدث سابقاً عن حاجة الجيش إلى نحو 1 مليار دولار أميركي سنوياً لمدة 10 سنوات. كما يُتوقع أن يكون الاجتماع مفصلياً في تحديد موعد المؤتمر المنتظر، مع استبعاد عقده قبل نهاية العام الحالي.
وفي ما يتعلق بآلية الميكانيزم، تفيد معلومات بأن الجانب الفرنسي سيطرح ضرورة رفع مستوى التنسيق بين أعضائها وتعديل آليات العمل، بما يحد من الذرائع التي يستخدمها الاحتلال الإسرائيلي لمواصلة اعتداءاته، ولا سيما الادعاءات المتعلقة بتخزين السلاح في المنازل الحدودية. ويُنتظر أن يشمل ذلك توثيق عمليات الجيش جنوب الليطاني وتعزيز التنسيق الأمني والمعلوماتي مع الميكانيزم للحد من استهداف المنازل والأهداف المدنية.
في المقابل، تقلّل مصادر دبلوماسية من فرص أن يفضي اجتماع باريس إلى دعم مالي أو تسليحي وازن للجيش، في ظل رفض أميركي واضح لتزويده بأسلحة دفاعية متطورة أو أجهزة مراقبة متقدمة، بحجة عدم استفزاز الاحتلال الإسرائيلي أو تشكيل خطر مستقبلي عليه، والاكتفاء بتقديم عتاد خفيف ومناظير ليلية. كما تشير المعطيات إلى أن السعودية لا تزال ترى أن الظروف لم تنضج بعد لتقديم دعم مالي للجيش والدولة اللبنانية قبل معالجة ملف سلاح حزب الله.
وكان رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون قد أكد، خلال استقباله المجلس الجديد للجامعة اللبنانية الثقافية في العالم، أن لبنان يعمل عبر التفاوض على تثبيت الأمن والاستقرار، لا سيما في الجنوب، مشدداً على أن التفاوض لا يعني استسلاماً، وأن الهدف هو إبعاد شبح الحرب، إعادة الإعمار، تثبيت المواطنين في أرضهم، وإنعاش الاقتصاد وتطوير الدولة. كما دعا إلى نقل الصورة الحقيقية عن لبنان في الخارج، محذراً من محاولات ترويج خطاب الحرب لأهداف انتخابية، ومطمئناً إلى أن الوضع في لبنان جيد، وأن زيارة البابا تركت صدى إيجابياً على الساحة اللبنانية.
إقرأ أيضاً: تحذير من الجليد الطقس يخبئ مفاجآت في الأيام المقبلة… تابعوا قراءة السطور