إمبراطورية أسماء الأسد في لبنان

إمبراطورية أسماء الأسد في لبنان
كتب طارق أبو زينب في “نداء الوطن”:
بينما كان الشعب السوري يعاني من ويلات الحـ ـرب المدمّرة، من جوع ونزوح ودمار شامل وتهجير نحو 14 مليون شخص، برزت أسماء الأسد، زوجة المخلوع بشار الأسد، كأحد الوجوه البارزة في استغلال هذه الأزمة لبناء إمبراطورية مالية ضخمة على حساب معاناة السوريين.
كما وتكشف التقارير الدولية والشهادات الخاصة عن شبكة اقتصادية معقّدة تديرها أسماء الأسد، تضمّ شخصيات نافذة داخل سوريا وبعضها موجود في لبنان، ما جعلها رمزاً للفساد والاحتكار في ظل غياب العدالة.
المكتب السرّي الاقتصادي
بدأت أسماء الأسد بناء نفوذها المالي من خلال “المكتب السرّي الاقتصادي”، الذي أدار الأنشطة المالية المرتبطة بالحـ ـرب بطرق غير قانونية.
بينما أدّى هذا المكتب دوراً محورياً في تمويل العمليات العسكرية للنظام، ما مكّن أسماء الأسد من تأسيس شبكة اقتصادية ضخمة تعتمد على الاحتكار والفساد.
وبحسب مصادر المعارضة، استهدفت أسماء منافسيها داخل النظام، مثل رامي مخلوف، الذي كان يعتبر العصب المالي للنظام، من خلال الاستحواذ على إمبراطوريته المالية، وعزّزت أسماء سلطتها الاقتصادية، ما منحها سيطرة غير مسبوقة على موارد الدولة.
توسع الإمبراطورية الاقتصادية
تمكّنت أسماء الأسد من السيطرة على عشرات الشركات السورية، بما في ذلك شركات أجنبية ومحلية، ما جعلها اللاعب الأقوى في الساحة الاقتصادية السورية.
كما لم يقتصر هذا التوسّع على قوّتها الاقتصادية فحسب، بل أتاح لها أيضاً القدرة على التأثير في السياسات الاقتصادية الداخلية.
وذلك وفقاً لتقارير صادرة عن مسؤولين أميركيين وغربيين، فأصبحت أسماء الأسد قوة مالية هائلة تمارس تأثيراً بالغاً على الاقتصاد السوري.
شبكة النفوذ والعلاقات
وكشف عميد منشق من الحرس الجمهوري أن أسماء الأسد اعتمدت على شبكة معقّدة من الشخصيات المقربة لتحقيق هيمنتها الاقتصادية.
وكان شقيقها، فراس الأخرس، من أبرز الشخصيات التي ساعدتها في تنسيق الأنشطة الاقتصادية.
كذلك، تولّى ابن خالها، مهنّد الدباغ، إدارة العمليات المالية الحساسة، مثل مشروع “البطاقة الذكية”، الذي أصبح أداة رئيسية للتحكّم في توزيع المواد الغذائية الأساسية. وشملت هذه الشبكة أيضاً شخصيات مثل يسار إبراهيم وشقيقتيه رنا ونسرين، الذين أداروا أعمال أسماء في روسيا.
العلاقات مع الشخصيات اللبنانية
وأضاف العميد المنشق أن من بين الشخصيات البارزة التي دعمت مشاريع أسماء الأسد كان فارس كلاس ومحمد همام المسوتي وزوجته لينا الكناية، الذين يحملون الجنسيتين السورية واللبنانية ويقيمون حالياً في لبنان.
كما قد أدّى هؤلاء دوراً محورياً في تعزيز نفوذ أسماء في الساحة المالية.
وعلى الصعيد الأمني والعسكري، تولّى خضر علي طاهر مسؤولية حماية معامل المـ ـخدرات وقوافل المهرّبين إلى لبنان والعراق.
وفقاً لما كشفه العميد المنشق، فقد تجاوزت أنشطة أسماء الأسد المجالات المالية لتشمل تجارة المـ ـخدّرات والأسلـ ـحة.
كما وسيطرت على عشرين مصنعاً لإنتاج “الكبـ ـتاغون”، والتي أصبحت مصدراً رئيسياً لتمويل العمليات العسكرية للنظام.
بينما تشير التقارير إلى تورّط زوجة الأسد في تهريب الأسلحة والأعضاء البشرية بالتعاون مع مافيا روسية وشبكات إجـ ـرامية، ما ساعدها في تمويل ميليشيات ومقاتلين متعاقدين.
واجهة الأنشطة الخيرية
وكشفت سلمى اليافي، الناشطة الحقوقية السورية المعارضة التي تعيش خارج سوريا منذ أكثر من عشر سنوات بسبب ملاحقات النظام، عن الدور الذي لعبته أسماء الأسد في استغلال الأنشطة الخيرية كوسيلة لتعزيز نفوذها الاقتصادي.
كما وأوضحت اليافي أن أسماء الأسد استفادت من تدفق المساعدات الدولية أثناء الحرب السورية وبعد كارثة الزلزال، مستخدمة مؤسسات مثل “الأمانة السورية للتنمية” و “جمعية البستان” كواجهة للعمل الإنساني.
ومع ذلك، أكدت اليافي أن هذه المؤسسات لم تقتصر على تقديم المساعدات، بل كانت تستخدم كأداة لتوجيه الموارد بما يخدم المصالح الاقتصادية والشخصية للنظام.
العقوبات الدولية والضغوطات
ووفقاً لما كشفته سلمى اليافي عن الأنشطة المشبوهة التي قامت بها أسماء الأسد ومن ورائها نظام الأسد، فرضت وزارة الخزانة الأميركية والاتحاد الأوروبي عقوبات قاسية عليها وعلى شبكتها الاقتصادية.
وعلى الرغم من امتلاكها جواز سفر بريطانياً، فإن دخول أسماء الأسد إلى المملكة المتحدة قد يعرّضها للاعتقال، وبخاصة مع فتح تحقيق أولي في عام 2021 حول تورّطها في التحريض على جـ ـرائم حـ ـرب ارتكبها الجيش السوري.
كما يبقى التساؤل قائماً: هل ستحاسب أسماء الأسد على استغلالها السلطة في فترة كان يفترض بالنظام أن يوجّه جهوده لدعم شعبه؟ وهل ستتخذ إجراءات لملاحقة واعتقال رموز النظام المنتشرين في لبنان ودول أخرى؟