يشكلون ثلث السجناء في لبنان..ارتكابات السوريين ترتفع وقلق

يشكلون ثلث السجناء في لبنان..ارتكابات السوريين ترتفع وقلق
كتب يوسف دياب في “الشرق الأوسط”:
ارتفع في الأسابيع الأخيرة معدّلُ الجرائم التي يرتكبها سوريون في لبنان. لا سيما جرائم القتل التي باتت تثير القلق إلى حدّ كبير. كما وأضحت سبباً مباشراً للمطالبة بترحيل النازحين السوريين إلى بلادهم أو أي وجهة أخرى.
كما أضحت مادة سجال سياسية حادة، خصوصاً بعد إعلان المفوضية الأوروبية أخيراً دعم لبنان بمبلغ مليار يورو، عدها معارضون «رشوة» تهدف إلى إبقاء النازحين في البلاد.
وما زاد من نقمة الشارع اللبناني أخيراً، تورّط سوريين في عدد من الجرائم الخطيرة للغاية، أبرزها اشتراك 6 أشخاص من التابعية السورية في جريمة خطف وقتـ. ـل منسّق حزب «القوات اللبنانية» في مدينة جبيل باسكال سليمان.بالإضافة لرمي جثته داخل الأراضي السورية.
ثمّ إقدام السوري خلف برغش، قبل أيام، على قتـ ـل الموظفّة في أحد فنادق بيروت زينب معتوق. وذلك لأسباب ما زالت مجهولة، وفراره إلى بلاده، قبل أن يُختتم الأسبوع الماضي على جـ. ـريمة طعن شخصين من التابعية السورية طفلاً لبنانياً في منطقة فرن الشبّاك، ومحاولة قتـ. ـله قبل أن تنقذه العناية الإلهية.
مسؤولية الدولة
وهناك أسباب عدة تحفّز بعض السوريين المقيمين في لبنان، سواءً كانوا نازحين أو مقيمين بصورة شرعيّة، على مخالفة القانون وارتكاب الجرائم، منها الأزمة الاقتصادية والاجتماعية. بالإضافة إلى تراجع قدرة الدولة في فرض سلطة القانون.
ويعدُّ الباحث في الشؤون الأمنية العميد خالد حمادة أن «المشكلة الأساس تكمن في عدم تعامل الدولة بمسؤولية مع أزمة النزوح منذ البداية. بالإضافة إلى غياب الضوابط التي تجعل وجود النازحين تحت رقابة السلطات الأمنية».
بينما ويرى في تصريح لـمصدر أن الدولة «لم تتعامل مع النازح السوري كما تتعامل معه تركيا والأردن ومصر وغيرها من الدول»، محملاً الدولة اللبنانية «المسؤولية الكبرى عمّا آلت إليه الأمور لجهة تفشّي الجـ. ـريمة على نطاق واسع». مبدياً خشيته من أن «تستخدم بعض الأطراف ورقة النازحين في التوظيف السياسي».
ضعف الإمكانات الأمنية
وتعترف المؤسسات الأمنية اللبنانية بضعف إمكاناتها وتراجع قدرتها على فرض سلطة القانون والأمن الاستباقي.
كما ويشدد مصدر في وزارة الداخلية على أن «تنامي الجريمة ليس سببه التقصير المتعمّد من الأجهزة الأمنية، بل تراجع قدراتها وإمكاناتها بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة».
ويؤكد المصدر أن «المشكلة الكبرى تكمن في تقليص عديد الضباط والعناصر لدى الأجهزة، خصوصاً قوى الأمن الداخلي الموكل إليها حماية الأمن وتطبيق النظام في الداخل».
كما ويقول: «لا يعقل أنه منذ عام 2017 لم تجر أي مباراة لتعيين عناصر أمن جديدة بسبب قرار الدولة وقف التوظيف. وذلك مقابل النزف الهائل في المؤسسة، عبر إحالة المئات سنوياً إلى التقاعد، واستقالة المئات بسبب الأزمة المالية وتدني الرواتب إلى الحدّ الأقصى». مشيراً إلى أن الوزارة «حاولت الاستعانة بشرطة البلديات، خصوصاً في العاصمة بيروت، لسدّ الفراغ الناشئ لدى القوى الأمنية، لكنها لم تثبت فاعليتها بشكلٍ كافٍ».
الحاجة إلى قرار سياسي
لكن ضبط الوضع الأمني ومكافحة الجـ. ـريمة لا يشترط في رأي العميد حمادة زيادة أعداد عناصر الأمن بقدر ما يحتاج إلى قرار سياسي تطبقه الأجهزة الأمنية على الأرض.
ويقول حمادة إنه «يمكن ضبط وضع النازحين، وبالتالي تقليص جرائمهم إلى حدّ كبير، عندما يجري إخضاعهم للقانون. كما ويتم وضعهم تحت سلطة الرقابة، سواء من البلديات أو دوريات قوى الأمن، والتفريق بين من تنطبق عليه صفة النازح ومن يستغلّ هذه الصفة لغايات أخرى».
ويشدد حمادة على أن السوريين الذين يرتكبون الجرائم في لبنان «يتأثرون بالبيئة. فعندما يجدون أن القانون لا يحترم ولا يشعرون بإجراءات قضائية فاعلة، فهذا يشجّعهم على ارتكاب المخالفات والتمادي في ارتكاب الجرائم».
جـ. ـرائم النازحين في أرقام
وأعدت مؤسسة «الدولية للمعلومات» تقريراً منتصف الشهر الماضي عن نسبة الجرائم التي يرتكبها سوريون. فأوضحت أنّ «40 في المئة من السوريين على الأراضي اللبنانية يقيمون بصورة غير شرعية، فيما يبلغ العدد التقديري للنازحين. وحسب الأمن العام اللبناني نحو مليونين و100 ألف، أي ما يعادل 43 في المئة من عدد المقيمين على الأراضي اللبنانية».
كما وأوضح التقرير أن «نسب الجرائم التي ارتكبها موقوفون سوريون في السجون اللبنانية تتوزّع وفق التالي: 22 في المائة مخالفة أنظمة وقوانين، 19 في المائة جرائم مختلفة، 18 في المائة نصب واحتـ. ـيال وتـ. ـرويج عملة مزوّرة ومخـ. ـدرات، 15 في المئة دخول غير شرعي، 8 في المئة تهريب أشخاص وسرقات، 7 في المئة تزوير، و3 في المئة جـ. ـرائم قتـ. ـل».
وطالما أن عدد السوريين في لبنان يفوق ثلث عدد اللبنانيين، فمن الطبيعي أن يصبح عدد الموقوفين ثلث عدد السجناء في لبنان. وفق تعبير مصدر أمني مطلع. ويقول المصدر : «لم يرتكب كل السوريين الموقوفين جـ. ـرائم بمفردهم، بل أغلبهم ينتمون إلى عصـ ـابات وشبكات يقودها لبنانيون، يستسهلون استمالة السوريين وإشراكهم في أفعالهم». لافتاً إلى أن «هناك عصـ ـابات محترفة ناشطة في مجال سرقة السيارات والاتجار بالمخدرات والسطو، تغري بعض السوريين بالمال وتجندهم للعمل لصالحها».