
تحضر الأزمة الاقتصادية والمالية التي تعصف بلبنان في أجواء العيد ومظاهر الاحتفال، ولو خرقتها بعض مشاهد الزحمة على طرقات العاصمة والمناطق المجاورة والمحال التجارية.
فموائد العيد التي تُشكّل واحدة من أهم عناصر الاحتفال بعيدي الميلاد ورأس السنة في لبنان، باتت تعكس الواقع الحقيقي لأزمة وصفها البنك الدولي بـ”الأكثر حدّة وقساوة في العالم”، من خلال استبدال أطباق تقليدية-أساسية مثل اللحوم والحلويات بأطباق بسيطة وبكلفة أقل، وذلك بسبب ارتفاع أسعارها نتيجة تدهور سعر صرف الليرة مقابل الدولار.
وعن هذه النقطة، أشار رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية في لبنان هاني بحصلي ، أن مائدة العيد هذا العام مختلفة تماماً عن السابق، فهناك أطباق تقليدية ستغيب عنها، لعل أبرزها “حبشة العيد”، إذ إن سعرها بات خيالياً ويتراوح بين مليونين وثلاثة ملايين كحد أقصى أي ما يُعادل المئة دولار في السوق السوداء.
كما لفت إلى أن الإقبال على شراء الأجبان الفرنسية تحديداً تراجع كثيراً بسبب ارتفاع أسعارها، واستُعيض عنهما بسلع مُصنّعة محلياً.
وتابع بحصلي أن معدل استهلاك المواد الغذائية تراجع 30% مقارنةً بالأعوام السابقة، ما اعتبره رقماً مخيفاً، لأن المواد الغذائية موجودة ولا تزال هناك القدرة على تأمينها، إلا أن الاستهلاك تراجع، وهذا يدل على أن الناس لم يعد باستطاعتهم حتى تأمين الطعام.
إلى ذلك، أشار إلى أن الزحمة التي تشهدها في بعض المناطق والمحال التجارية ليست إلا “حركة بلا بركة”، مؤكداً أن أسلوب عيش اللبنانيين تغيّر بشكل كبير”.
في السياق ذاته، أوضح إيلي ديب، وهو صاحب محل لبيع الألبان والأجبان في منطقة جونيه ، أن زبائنه كانوا يطلبون أنواعاً كثيرة من الأجبان الخاصة بعيدي الميلاد ورأس السنة ومعظمها فرنسي، لكن اليوم الوضع تغيّر كثيراً، فالطلب عليها معدوم بسبب أسعارها المرتفعة جداً، أما البديل فكميات قليلة من أنواع الأجبان المصنّعة محلياً.
كما كشف أن الاستهلاك بات يقتصر على مواد أساسية مثل الألبان والأجبان والزيوت وبعض أنواع الحبوب ومواد التنظيف، أما الحلويات فباتت من الكماليات والطلب عليها تراجع كثيراً.
وقال: “زبائني كانوا يشترون حاجاتهم “بالكيلو” من دون أن يسألوا عن أسعارها، لكن كل شيء تغيّر اليوم. يشترون بكميات قليلة (الوقية) بعد أن يسألوا عن أسعارها. حتى إنني استغنيت عن ثلاّجتين في المحل وأبقيت على واحدة فقط أضع فيها الألبان والأجبان واللحوم المبرّدة، لأن المبيع تراجع 70%”.
وكغيره، يعتبر قالب حلوة خاص بعيد الميلاد من أهم التقاليد التي لا يمكن الاستغناء عنها في ليلة عيد الميلاد، لكن يبدو أنه سيغيب عن موائد العيد هذا العام بسبب ارتفاع سعره.
فقد شرحت مايا بخعازي، أمينة سرّ نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري في لبنان، أن أسعار قالب الحلوى الواحد تتراوح بين 600 والمليوني ليرة أي بين 30 و80 دولارا في السوق السوداء، أما سعر كيلو الشوكولا المستورد (البلجيكي) فيبدأ من 25 دولاراً، فكيف يُمكن للبناني أن يشتري هذه السلع التي تفوق أسعارها الحد الأدنى للأجور؟ (أقل من 30 دولاراً للفرد حسب سعر صرف الدولار الذي تخطى 27 ألفاً).