صحة

كيف تختار طعامك بذكاء؟

إن لم تكن مصاباً بمرض السكري، فقد لا تُولي اهتمامًا كبيرًا لمستوى السكر في الدم، إذ يحافظ الجسم عادةً على توازن الغلوكوز بغضّ النظر عن نوع الطعام أو كمية النشاط البدني. لكن الصورة تختلف لدى المصابين بالسكري أو المعرضين للإصابة به، حيث يصبح التحكم في مستوى السكر تحديًا يوميًا.

ورغم أن استقرار سكر الدم يتأثر بعوامل متعددة، مثل التوتر، وقلة النوم، والمرض، والجفاف، وحتى الإفراط في ممارسة الرياضة أو قلة الحركة، يبقى النظام الغذائي العامل الأهم في ضبط هذا التوازن.

ويُعد التحكم في كمية الكربوهيدرات أحد الركائز الأساسية في التغذية الصحية لمرضى السكري، غير أن الكربوهيدرات ليست جميعها متساوية من حيث تأثيرها في سكر الدم. من هنا برز المؤشر الغلايسيمي بوصفه أداة تُستخدم لقياس سرعة وتأثير الأطعمة الغنية بالكربوهيدرات في رفع مستوى الغلوكوز.

ما هو المؤشر الغلايسيمي؟

توضح كيلي غاينز، اختصاصية التغذية في مستشفى هيوستن ميثوديست، أن المؤشر الغلايسيمي هو مقياس يُصنّف الأطعمة على سلم من 0 إلى 100 وفق سرعة تأثيرها في مستوى السكر في الدم. وتمثل القيمة المنخفضة تأثيرًا أبطأ وأكثر استقرارًا، بينما تشير القيم المرتفعة إلى ارتفاع سريع في سكر الدم.

وتُصنّف غاينز الأطعمة إلى:

– منخفضة المؤشر الغلايسيمي: من 0 إلى 55

– متوسطة المؤشر الغلايسيمي: من 56 إلى 69

– مرتفعة المؤشر الغلايسيمي: من 70 إلى 100

المؤشر الغلايسيمي (آيستوك)
المؤشر الغلايسيمي (آيستوك)

وعادةً ما تُهضم الأطعمة منخفضة المؤشر ببطء، وغالبًا ما تكون غنية بالألياف أو البروتين أو الدهون الصحية، في حين تحتوي الأطعمة مرتفعة المؤشر على كربوهيدرات مكررة وسكريات سريعة الامتصاص.

وبما أن المؤشر الغلايسيمي يقيس تأثير الكربوهيدرات فقط، فإن الأطعمة الخالية منها، مثل اللحوم والأسماك، لا تُدرج ضمن هذا التصنيف.

عوامل ترفع أو تخفّض المؤشر الغلايسيمي

تشير غاينز إلى أن طريقة إعداد الطعام تلعب دورًا محوريًا في تحديد مؤشّره الغلايسيمي. فكلما زادت درجة معالجة الطعام، ارتفع تأثيره في سكر الدم. كما أن الطهي يُسهّل عملية الهضم، ما قد يرفع المؤشر الغلايسيمي، إضافة إلى أن درجة نضج الطعام تؤثر أيضًا، إذ ترفع الفاكهة الناضجة مستوى السكر أسرع من غير الناضجة.

أداة مفيدة… لكن ليست مثالية

ورغم شيوع استخدام المؤشر الغلايسيمي، ترى غاينز أنه أداة محدودة لا تعكس الواقع الغذائي اليومي بدقة. فالدراسات تعتمد غالبًا على تناول الطعام بمفرده، بينما تُستهلك الأطعمة عادةً ضمن وجبات تحتوي على بروتينات ودهون تُبطئ امتصاص السكر.

كما أن المؤشر الغلايسيمي لا يأخذ بعين الاعتبار حجم الحصة الغذائية، إذ تُحسب القيم بناءً على تناول 50 غرامًا من الكربوهيدرات، وهي كمية غير واقعية لبعض الأطعمة مثل الفواكه والخضراوات.

فعلى سبيل المثال، تعادل 50 غرامًا من الكربوهيدرات شريحتين من الخبز الأبيض، لكنها تعادل نحو ثلاثة أكواب من التوت الأزرق، وهي كمية نادرًا ما تُستهلك في وجبة واحدة.

المؤشر الغلايسيمي (آيستوك)
المؤشر الغلايسيمي (آيستوك)

بديل أدق

كبديل أكثر واقعية، تشير غاينز إلى الحمل الغلايسيمي، الذي يجمع بين المؤشر الغلايسيمي وحجم الحصة الغذائية. ويُعد هذا المقياس أكثر دقة لأنه يضع تأثير الطعام ضمن سياقه الفعلي.

ويُصنّف الحمل الغلايسيمي إلى:

– منخفض: 0 – 10

– متوسط: 11 – 19

– مرتفع: 20 فأكثر

مثلا، وعلى الرغم من أن الشمندر المطبوخ يتمتع بمؤشر غلايسيمي متوسط إلى مرتفع، فإن الحمل الغلايسيمي لكوب واحد منه منخفض، ما يجعله خيارًا صحيًا عند تناوله باعتدال.

ما البديل الأفضل فعليًا؟

وبدلا من التركيز المفرط على الأرقام، تنصح غاينز بالاهتمام بدرجة معالجة الطعام، والإكثار من الأطعمة الكاملة مثل الخضراوات والفواكه الطبيعية، والحد من الأطعمة فائقة المعالجة.

كما توصي باتباع قاعدة “الطبق الصحي” المكون من:

– نصف الطبق من الخضراوات غير النشوية

– ربع الطبق من الحبوب الكاملة أو البقوليات

– ربع الطبق من البروتين قليل الدسم

وتُعد هذه المقاربة أكثر بساطة وفعالية في دعم صحة الجسم وتنظيم مستوى السكر في الدم.

زر الذهاب إلى الأعلى